الرياضيات وحدها لا تكفى
هل لكل عبارة معنى ؟
حتى إذا أخذنا كلمات ذا معنى و ربطناها ببعضها مع مراعة قواعد اللغة بدقة تامة فإننا قد لا نحصل إلا على هراء مثلا ( هذه المياه مثلثة ) و لكن للأسف ليس كل الهراء على هذه الدرجة من الوضوح
ينطبق ذلك على الفيزياء فلو أخذنا بعض المفاهيم الفيزيائية و عبرنا عنها بصيغ رياضية و ربطناها معا وفق القواعد الرياضية فسوف تنتج معادلة صحيحة من الناحية الرياضية و لكنها قد لا تحمل أى قيمة فيزيائية حقيقية ، فعلى الرغم من أن الرياضيات هى كما عرفها ريتشارد فينمان عبارة عن لغة زائد منطق إلا أنها يمكن أن تقودنا إلى أوهام فيزيائية ، و مثال على ذلك معادلة أينشتين التى تشير لتوسع الكون و التى أضاف لها بشكل رياضى سليم ثابت يمنع هذا التمدد الذى رفضه أينشتين ثم بعد ذلك أثبت أدوين هابل بشكل تجريبي أن الكون يتمدد مما إضطر اينشتين لإزالة الثابت من المعادلة ، و لكن لماذا يلجأ الفيزيائي للرياضيات إذن ما دامت ربماتقود لنتائج خاطئة أحيانا ، الاجابة ببساطة لأن الرياضيات تمثل أكثر المسارات الآمنة التى يمكن من خلالها الوصول لاستنتاجات و تنبؤات جديدة ،فهى تمثل قنطرة تساعدنا على الانتقال لنتائج أبعد مما هو معروف فى الوقت الراهن ، و لكن قد تكون هذه الاستنتاجات غير صحيحة و هنا يأتى الدور الحاسم للتجربة ،التى تختبر ما تم الوصول إليه و فى حالة تعارض التجربة مع الاستنتاجات النظرية فإننا نعيد النظر فى الفروض و فى طريقة الاستنتاج لأن مهمة الفيزيائي هى الكشف عن كيف تعمل الطبيعة و ليس إجبار الطبيعة على أن تعمل وفق ما يعتقد
أحيانا فروض خاطئة تقود لنتائج صحيحة
فى الماضى افترض الفيزيائيين وجود سائل أسموه الفلوجيستون يتخلل جميع المواد لتفسير ظاهرة التوصيل الحرارى و قد فرضوا أن كثافة هذا السائل صفرية و كذلك لزوجته و قد نجحوا فى التوصل لقوانين التوصيل الحرارى فى المواد الصلبة بناء على هذا الافتراض الغريب كذلك افترض الفيزيائيين فى الماضى وجود مادة عديمة الكثافة و عديمة اللزوجة تملأ كل شئ حتى الفضاء أسموها الأثير و ذلك من أجل تفسير انتشار الموجات الكهرومغناطيسية و قد نجحوا فى التوصل للمعادلات التى تبين انتشار هذه الموجات و تنبؤوا بشرعية تلك الموجات بشكل صحيح كل هذا رغم أنه فيم بعد تم التأكد تجريبيا من عدم وجود الفلوجيستون و الأثير و من ثم تم التوصل لآليات أخرى تشرح هاتين الظاهرتين
تعليقات
إرسال تعليق